
شومويل روسنر
الأمير بندر كان يشكل حلقة الاتصال غير الرسمية بين الرياض وأورشليم من منزله الفخم في إحدى ضواحي واشنطن في ماكلين بولاية فيرجينيا. وحلقة اتصال بندر بإسرائيل هو رئيس جهاز الموساد، مير داغان. حيث أن داغان هذا قام الشهر الماضي بترتيب لقاء بين بندر وأولمرت- رئيس داغان الجديد، في الأردن.
لقد كتبنا أنا وصديقي ألوف بن، المراسل الدبلوماسي لصحيفة هاأريتز عن ثلاثة أشياء: رحلة كونوليزا رايس إلى الشرق الأوسط، مشاركة السعوديين في صناعة السلام، والمأزق السوري (هل يجب على إسرائيل التفاوض مع الأسد؟). ويمكنكم قراءة المقال المذكور كاملاً، ولكن أرجوا أن تلقوا نظرة على هاتين الفقرتين عن السعوديين:
يوم الأربعاء الماضي ألقى السفير السعودي لدى واشنطن، الأمير تركي الفيصل، خطاباً في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية. وكان موضوع النقاش، العلاقات الأمريكية السعودية، ولكن الجزء الأكبر من الحديث تم تكريسه للحالة الفلسطينية. وقال الفيصل أن النشاط الحالي لبوش في الشرق الأوسط هو "نتيجة مباشرة" لجهود سعودية، والتي أعاد بناءها على النحو التالي:
في شهر مايو الماضي التقي الفيصل ببوش وقال له أن حل المشكلة الفلسطينية هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقود إلى حل جميع المشكلات في الشرق الأوسط. وبعد ثلاثة أسابيع من ذلك اللقاء جرت "المحادثات الإستراتيجية" العادية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. ومرة أخرى كانت الرسالة:اعتنوا بالقضية الفلسطينية. قال السفير: بوش أمر رايس بأن تحاول تحقيق بعض التقدم في هذا الميدان، ولكن حينئذ تم اختطاف الجنديين الإسرائيليين واندلعت الحرب. وفي يوليو، وأثناء زيارة أخرى لوزير الخارجية السعودي، بدأ في إثارة الموضوع ذاته. وفي أغسطس وصل الأمير بندر بن سلطان إلى واشنطن لدفع هذا الموضوع.
كما أن بندر ورد ذكره مراراً في كتاب وودورد. فقد كان سفيراً لدى واشنطن لاثنين وعشرين عاماً، قبل أن يتنحى من هذا المنصب قبل عام، ويعود إلى المملكة العربية السعودية. ووالد بندر، وهو الأمير سلطان، أحد الأخوة السبعة المسنين في العائلة المالكة، تمت تسميته ولياً للعهد بعد وفاة الملك فهد. وتم تعيين بندر رئيساً لمجلس الأمن الوطني، وفي دوره الجديد لا يزال مستمراً في العمل كأبرز الدبلوماسيين في بلاده. ويقول وودورد أنه في صيف عام 2001، حمل بندر رسالة شديدة اللهجة إلى بوش، وقد كانت تلك أشد رسالة حملها هو إلى رئيس أمريكي. قال بندر للرئيس المستغرب، أن ولي العهد يخطط لقطع جميع العلاقات معكم. ويقول لن نراعي أي مصالح للولايات المتحدة، وسنتخذ ما نراه مناسباً.
لماذا ؟ بسبب رئيس الوزراء أرييل شارون وحربه ضد الفلسطينيين. ومن الواضح بالنسبة لنا أن السفير السعودي قال للرئيس أن الولايات المتحدة اتخذت "قراراً إستراتيجياً"، ويعني هذا "تبنياً لسياسة شارون". واحتج بوش. وقال للسفير: هذا ليس صحيحاً. وبعد يومين، أرسل بوش إلى ولي العهد رسالة من صفحتين أعلن فيها، ولأول مرة، تأييده لقيام دولة فلسطينية.
كما أن بندر ظل ينشط منذ سنوات في جهود لإحلال السلام بين العرب وإسرائيل، وقد بلغت تلك الجهود ذروتها عندما حاول قبل ست سنوات إقناع الرئيس ياسر عرفات بقبول مقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك والرئيس بيل كلنتون حول اتفاق الوضع النهائي. ففي البداية أرسله الرئيس كلينتون كمبعوث سري إلى الرئيس السوري حافظ الأسد، في محاولة أخيرة لإنعاش مسار المفاوضات مع سوريا. وفي مقابلة نادرة مع صحيفة نيويوركر في عام 2003، تحدث بندر عن الأسى الذي عانى منه بسبب انهيار عملية السلام قبيل نهاية الفترة الرئاسية لكلينتون.
المملكة العربية السعودية، حامية البقاع الإسلامية المقدسة، شديدة البحث عن التوافه والتفاصيل للإبقاء على الموقف المتجمد تجاه إسرائيل في العلن، لم توافق قط على عقد أي لقاءات على مستوى وزراء الخارجية أو كبار الدبلوماسيين. غير أن حلقة الاتصال غير الرسمية بين الرياض وأورشليم كان الأمير بندر، من منزله الفخم في إحدى ضواحي واشنطن في ماكلين بولاية فيرجينيا. ووسيلة اتصال بندر بإسرائيل هو رئيس الموساد ديير داغان، والذي كان ينقل كل شيء في اجتماعاته مع شارون. وقد تم الإبقاء على هذه الاتصالات حتى بعد عودة بندر إلى المملكة العربية السعودية، وحسب بعض المصادر الإسرائيلية، أصبحت هذه الاتصالات أوثق من ذي قبل إبان الحرب في لبنان.
الشهر الماضي قام داغان بترتيب لقاء بين بندر، وبين الرئيس الجديد لداغان، في الأردن. وقد تم تسريب القليل جداً مما دار في ذلك اللقاء في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت قبل أسبوعين، وهو الذي فجر الخبر. وقد أكد المقال التهديد الإيراني المشترك ضد إسرائيل والسعودية. وأولمرت الذي بقي بدون أجندة سياسية عندما تم وضع برنامج التقارب على الرف، كانت لديه رغبة واضحة في خلق هذا الانطباع. وقد شكر السعوديين علناً على عدم تأييدهم لحزب الله أثناء الحرب.
وقد يلجأ المرء إلى التخمين بأن السعوديين ربما ضغطوا على أولمرت لإحياء عملية السلام مع الفلسطينيين، وقد كان هذا هدفهم. لأنك من الصعب أن تجد أي تصريح لبندر أو أي مسؤول سعودي آخر لم يذكر فيه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على أنه أساس المشكلات في المنطقة. وقد كان الملك عبد الله يقول أنه شخصياً كان يتأثر بصور الأطفال الفلسطينيين القتلى. ومبادرته التي مضت عليها أربع سنوات، والتي كانت حول اتفاق شامل بين إسرائيل والعرب، نابعة من رغبته في تنقية حقل الألغام.
وقال بندر موجهاً اللوم إلى عرفات الذي رفض مقترح كلنتون، السعوديون واقعيون، بشأن المأساة التي قادت إلى الانتفاضة وإلى آلاف الضحايا من الجانبين. وفي أحد المحادثات التي دارت بين بندر وبوش والتي أوردتها ودوورد في كتابه، يقول الأمير للرئيس أن عرفات "كذاب". إنه غريب الأطوار "schmuck"- هذه هي الكلمة التي استخدمها- ولكنه غريب الأطوار الذي يجب أن نعمل معه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق