
مغارة في القدس تم اكتشافها قبل 36 سنة، وفي داخلها 10 توابيت من الحجر، قد تحدث ضجة عالمية متنوعة الذيول والملابسات، لأن هناك من يزعم بأن الأضرحة تضم رفات السيد المسيح وأمه مريم العذراء، عليهما السلام، اضافة الى خطيبها يوسف، كما وابن للمسيح من زوجته مريم المجدلية المدفونة أيضا داخل الكهف الذي عقدوا حوله مؤتمرا صحافيا أمس بنيويورك، قائلين ان الفيلم المعروض سيهز أركان الديانة المسيحية، المستندة في ركن رئيسي إلى الايمان بأن المسيح قام من الموت بعد 3 أيام من صلبه ثم صعد الى السماء على مرأى من بعض تلاميذه ولم يعد لجسمه وجود على الأرض منذ ألفي عام حتى الآن.
ويتحدث الفيلم عن اكتشاف عالم الآثار الإسرائيلي، عاموس كلونير، للمغارة التي عثر فيها على التوابيت، المكتوب على 6 منها أسماء يشوع بار يوسف (يشوع بن يوسف) وعلى تابوتين اسم مريم، المعتقد أنها مريم العذراء، أم المسيح، اضافة الى ورود اسم مريم ثانية منقوش على تابوت آخر، والمعتقد أنها مريم المجدلية (مريم الماشطة) التي كانت تعمل في تصفيف الشعر وجدله حين شفاها المسيح بإخراج 7 أرواح شريرة كانت بداخلها، وفق روايات الأناجيل. كما ورد اسم متى ويوفيه، ويعتقد أنه يوسف «شقيق» المسيح، اضافة الى ورود اسم يهوذا بن يشوع، أي يهوذا ابن يسوع، الذي يزعم منتجو الفيلم بأنه ابنه من مريم الماشطة.
والفيلم الذي يحمل اسم «المكان الذي دفن فيه المسيح» هو مشترك بين منتج الأفلام الوثائقية الكندي ـ الإسرائيلي، شيمشا جاكوبوفيشي، وبين مخرج فيلم «تايتانيك» الشهير، وهو الكندي جيمس كاميرون، الحائز جائزة الأوسكار 3 مرات.
وكان عالم الآثار الاسرائيلي، كلونير، قد نشر دراسة قبل 10 سنوات عن اكتشاف المغارة التي تحتفظ سلطة الآثار الإسرائيلية بمحتوياتها من توابيت، لكنها أفرجت عن تابوتين تم ارسالهما الى نيويورك حيث تم عرضهما أمس خلال المؤتمر الصحافي.
وستبث القنوات التلفزيونية «ديسكوفري انترناشونال» والقناة 4 البريطانية وقناة «فيجن» الكندية، كما والقناة الثامنة الاسرائيلية، الفيلم الذي استغرق تصويره 3 سنوات باعتبارها محطات شريكة في انتاج مثير للجدل ويحكي قصة الكهف الذي اذا تم التأكد من صحة محتوياته وهويات الراقدين فيه داخل الأضرحة «فسيشهد العالم زعزعة لاهوتية خطيرة تمس ركائز الايمان المسيحي من الأساس» بحسب ما قال عالم اللاهوت الايطالي، البروفسور جيليو لاميانو، قبل يومين في حديث إذاعي معه في روما. وتبدأ قصة المغارة المثيرة محتوياتها للجدل في 1980 بحي الطالبية في القدس الغربية، حيث اتضح بعد العثور عليها ذلك العام بأن تاريخ ما تحتويه من أضرحة يزيد على ألفي عام، إلا أن التعرف الى الرموز المنقوشة كأسماء على التوابيت لم يتم حلها إلا قبل 10 سنوات، ومن وقتها بدأ الميل يتعزز بأن الراقدين في تلك الأضرحة ما هم سوى المسيح وعائلته وبعض المقربين، وهو ما يزعمه منتجو الفيلم في كندا وبريطانيا والولايات المتحدة واسرائيل، ممن يقولون إنهم استعانوا بعلماء مشهورين عالميا، كما وبعلماء آثار واحصاء ومختصين بالحمض النووي (DNA) بالاضافة الى علماء بالحفريات القديمة ومختصين باللاهوت المسيحي، علما بأن الكنيسة تعترف رسميا بوجود خلافات حول المكان الذي تم فيه صلب المسيح، وأيضا المكان الذي تم فيه دفنه داخل مغارة شهدت بعد 3 أيام قيامته من الموت وصعوده الى السماء.
ويقول مؤرخون مسيحيون أن حادثة الصلب تمت في المكان الذي تقع فيه الآن كنيسة القيامة في البلدة القديمة من القدس، وقد اكتشفتها بعد 400 عام والدة الامبراطور قسطنطين، واسمها هيلانة، فأمرت ببناء كنيسة على الأرض، لذلك تم تطويبها قديسة فيما بعد. أما المكان الذي دفن فيه السيد المسيح فتعتمد الكنيسة على الأناجيل وعلى التواتر، كما وعلى «تقاليد كنسية» تؤكد أنه الأرض المعروفة الآن باسم «بستان قبر المسيح» المشرفة عليه جمعية خيرية بريطانية، وإليه يحج بعض المسيحيين كمؤمنين بأنه القبر الحقيقي للسيد المسيح.
وأمس استبق عالم الآثار الاسرائيلي، عاموس كلونير، المؤتمر الصحافي الذي عقده منتجو الفيلم في نيويورك، وأصدر بيانا من القدس المحتلة قال فيه إن ما يتطرق اليه الفيلم هو مجرد مزاعم ولا يمت للحقيقة العلمية بصلة، وليس هناك أي دليل على أن المغارة تحتوي على أضرحة هي للمسيح وعائلته. وقال كلونير ان الفيلم دعاية ويهدف الى الربح المالي والشهرة. وأعاد الذاكرة الى فيلم آخر تم إنتاجه حول الموضوع نفسه قبل 11 سنة «وان الفيلم الجديد هو عملية تحديث فقط لذلك الفيلم القديم» كما قال.
وشرح عاموس أن الأسماء المنقوشة على الأضرحة هي أسماء كانت عادية منذ ألفي عام «لذلك نعثر دائما على مئات الأضرحة المنقوش عليها الأسماء نفسها، فلماذا الضجة حول هذه الأضرحة بالذات، طالما كانت هناك غيرها بالأسماء نفسها» ؟ وقال عاموس إن وجود الأضرحة المزعومة في مغارة، هو الذي حمل على الاعتقاد بأنها للمسيح وعائلته، وليس السبب هو الأسماء. وحذر من التلاعب بالحقائق، وقال في البيان الذي وزعه على الصحافة أمس: «ان العثور على قبر حقيقي للمسيح سيزعزع العالم والديانات، وأنا أدرك ما أقول».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق